عيد البشارة : نتوق الى سلام مفقود أولسنا دعاة سلام ؟!
25/3/2014البلد
عيد البشارة... يوم الديانتين. هو عيد التلاقي والعيش المشترك، هذا ما سعى اليه اللقاء الاسلامي – المسيحي "ابناء مريم سيدة السلام" بعد لقائه برئيس الوزراء السابق سعد الدين الحريري في العام 2010 بهدف ادراج هذا اليوم كعيد وطني برمزيته وأهميته في الديانتين المسيحية والاسلامية. وكم نحتاج اليوم الى الوقوف امام هذا العيد كصورة جديدة من صور الوحدة الوطنية في لبنان في ظل الحروب الطائفية والمذهبية التي تعصف بالعالم العربي. كم نتوق الى ثقافة السلام في زمن العنف، والى التلاقي في زمن الخصامات، الى الحوار في عزّ الخصام السياسي والمذهبي. وحده 25 آذار نجح في جمع ابناء الوطن تحت جناح العذراء مريم في عيد بشارتها، وكم نحتاج الى اعياد بشارة في لبنان لوقف الموت والقتل والتشرذم واعلان السلام ، فقط السلام.
هو أول الأعياد في المسيحية او رأس الأعياد كما تسمّيه الكنيسة، أو نبعها. وهو يوم خاص للمسلمين أيضًا، لما للسيدة مريم العذراء من موقع رفيع في الإسلام. انسجمت وتناغمت اصوات الاجراس مع آيات القرآن، تجلّت في عيد واحد وفي صورة "سيدتنا مريم"، ملكة السلام. اليوم يتطلب عيد البشارة وقفة روحية منا في ظل الحروب التي تعصف بالشرق ، فما هي اهمية هذا العيد في ظل هذه الظروف، وكيف نعيش عيد البشارة في هذا العالم الدموي ؟
الوطن للجميع؟
تستهل نائبة رئيس اللقاء الاسلامي – المسيحي باتريسيا دكاش حديثها عن عيد البشارة بتعريفها اولا عن الجمعية فتقول "اسسنا جمعية ابناء مريم – ملكة السلام" والتي تضمّ مجموعة محامين بهدف تثبيت ثقافة السلام في عالمنا الشرق اوسطي الذي يعاني من الاضطرابات ويتخبط بصراعات ذات طابع طائفي ومذهبي. وفي ظلّ انقسامات ابناء الوطن وبعيداً عن التقصير والحقد والإرهاب والعنف ارتأينا انه من واجبنا جميعا مسيحيين ومسلمين ان نكون دعاة سلام في وطننا".
تتحدث دكاش بأمل، بمحبة، بإيمان الوحدة الوطنية والعيش المشترك. هي تؤمن بالتغيير، بالالتقاء والتعايش، وتسعى بكلماتها ونشاطاتها الى تحويل هذه القيم الى حقيقة. تعرف جيدا ان الأمر ليس بهذه السهولة لكن لا يهمّ طالما ان السلام سيتحقق. هي مقتنعة بمقولة "الدين لله والوطن للجميع"، تحاول جاهدة ان تبني من خلال الجمعية وطنا مسالما في زمن الحرب، قد تنجح وقد تفشل لكن بالنسبة اليها" ما يجمعنا امنا مريم العذراء ملتقى الديانات، هي جسر يعزز العيش المشترك والوحدة الوطنية بغية توحيد القلوب وتقريب وجهات النظر".
ترى دكاش ان مبادرة الدولة بإقرار عيد البشارة عيد وطنيا ورسميا جاء في مرحلة تشهد فيها منطقة شرق الاوسط العديد من الصراعات وذات الطابع المذهبي والطائفي. فهذا العيد هو فرصة للتأكيد على اهمية العيش المشترك، على امل تعميم هذا العيد في العالم العربي لتعزيز قيم التلاقي والتضامن والسلام.
وطن الرسالة
قواسم مشتركة تجعل من عيد البشارة عيدا خاصا للديانتين. هي سيدة السلام كما تصفها دكاش "عاشت السلام واعطت السلام للعالم. جمعتنا تحت رايتها كإسلام ومسيحيين، جمعتنا في آيات قرآنية وانجيلية، عسى ان تجمعنا في وطن واحد، كيان واحد وأرض واحدة، لأننا ببساطة شعب واحد في وطن الرسالة".
إنجيل لوقا والآية 45 من سورة آل عمران يتحدثان عن مريم ، ام السلام. وربما اصدق ما يقال اليوم كما عبرت عنه دكاش انه "ليس هناك سلام دون عدالة، ولا عدالة دون غفران.علينا العمل معا بهدف ترسيخ ثقافة السلام. لقد كانت هبة السماء للأرض هي السلام ، نحن شعب مسالم ولسنا شعب حروب. تعرفون الحق والحق يحرركم، لذلك علينا ان نكون دعاة سلام ، وكم نتوق لهذا السلام في هذه الظروف المأسوية". لا تقف نشاطات واحتفالات "جمعية ابناء مريم – ملكة السلام" عند هذا العيد فقط بل تسعى الى تعزيز قيم العيش المشترك والمحبة والوحدة الوطنية على مدار السنة بنشر هذه الثقافة في المدارس والجامعات. صحيح ان الظروف الامنية حالت دون الاحتفال بهذا العيد على غرار السنوات الماضية في احتفال خاص إلا ان ذلك لم يمنع هذه الجمعية من السير قدما في التبشير والتوعية لبناء وطن الرسالة كما اطلقه علينا البابا يوحنا بولس الثاني.
خارج الفكر الإلهي
أما بالنسبة الى الأب شارل كساب فاعتبر في حديث الى "صدى البلد" انه "عندما عجز الملوك في العهد القديم لإعلان الخلاص في تاريخ البشري الزمني، أعدّ الله من خلال النبوءات تاريخ خلاص يتحقق خلافاً للمنطوق البشري، بتدخل مباشر من الروح القدس بحلوله على العذراء وإرسال ملاكه جبرائيل "ملاك البشارة السارة" الحامل فِكر الله الى مريم المخطوبة. فعندما قالت مريم "نعم" للملاك علمت ان الحكم سيكون نيوقراطيا وستلغى جميع الكراسي بأنشودتها في انجيل لوقا "تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي الذي صنع بي العظائم وصنع مني قدوس...".
"تجسّد المسيح هو بدء اعلان ملكوت الله، المملكة الحقيقية، ويسوع المسيح حسب نبوءات اشعيا يكون هو رئيس السلام، وايضا المشرّع. أما شريعة العهد الجديد فهي logos اي الكلمة. هذا ما يفصح عنه كساب بحديثه. برأيه صحيح ان الملكوت هو خفي لكنه ظاهر بعلامة حسيّة ، الكنيسة، التي فيها يتحقق السلام والوئام وفي ربوعها التعاضد ونشر التضامن. فهي جسد المسيح السري وخارج اطار الـlogos او الفكر الالهي...لا سلام. ان كل ما يجري اليوم في الشرق يجري خارج الفكر الالهي، بمعادلة هي بحجم الأرض وليست بحجم الكون ولا حتى بحجم ملكوت السموات.
سلامٌ مفقود
تبنى المعادلات الأرضية على تقاطع المصالح إنما إرادة الله هي خلاص البشر، والمصالحة مع الآب السماوي من ابنه يسوع المتجسد من خلال التبرير بالإيمان بوصولنا الى شاطئ الأمان الذي هو السلام الحقيقي المفقود في العالم والموجود في الكنيسة. الشرق اليوم كما يؤكد الأب كساب تتنازعه مصالح آنية وشخصية مهمشة كرامة الانسان وحقه في العيش بسلام بضرب الاستقرار بشكل متتال للاستسلام لمشيئة الشيطان. أما اهمية عيد البشارة فهو بإقرار من المذاهب المحمدية وبصدقية كلمة الله ان البشارة بحمل مريم العذراء بروح القدس هي الحل الوحيد لخلاص الانسان من عبودية الخطيئة والموت. لأن يسوع هو رئيس السلام وفي اليوم الأخير سيكون هو الديان (أي في الحشر). لذلك ننتظر الى ملكة السلام مريم العذراء التي قالت "نعم" للآب السماوي "ها انا ذا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك". اذاً علينا ان نعمل لسلام المسيح الحقيقي بقوله في انجيل يوحنا "سلامي اعطيكم، سلامي ارسل لكم، لا كما يعطيكم العالم أعطيكم انا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب انا هو نور العالم". لذا خارج اطار سلام المسيح هو سلامٌ مزيف وموقت.
Envoyé de mon Ipad
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire